محمد خشلة ممثل ومخرج مسرحي
أعتدر للأساتذة
الأكادميين الدارسين للشأن الثقافي بالمغرب عن هذه النظرة السوداوية التشأمية
خاص بالمجلة
في نظري ليست
هناك ضبابية في ممارسة السواد الأعظم من المثقفين الشباب اليوم ، ولكن هناك قناعة ،
انخراط في أسلاك النخب الجديدة - القديمة التي أوجدها ودعمها المخزن ماليا وسياسيا
وإداريا في القرن العشرين لهذا الغرض . المثقفون الشباب اليوم لا يعرفون شيئا عن هذه
النخب القديمة ، ولا على مخططاتها السياسية في قطع الطريق على القوى التنويرية بالمغرب
. لقد غذت هذه القناعة تمثل ثقافة النخب الجديدة من الشباب المسيس اليوم وأصبح زعماء
هذه النخب يتباهون بفسادهم المالي والإداري والأخلاقي ، مستعملين ذكائهم ومواهبهم في
الإفلات من المحاسبة . فأصبحت تطفوا على السطح منظمات تنشط في الترويج لثقافة الرشوة
ودعم الإتجار في المخدرات وتبييض الأموال ، كما أخدت تظهر هنا وهناك - على طول التراب
الوطني - أسماء تخرج من العدم ، تمتلك الكثير من السلطات . وعلى رأس هذه السلطات ،
سلطة المال ، هذا المال الذي يجهل مصدره . يبدو من الخارج أنهم يمثلون قاطرة التقدم
، ولكنهم في الحقيقة يكونون منظومة متشابكة سلاحها تكريس الهشاشة والقهر وجر البلاد
إلى براثين التخلف والتبعية .
استطاعت هذه النخب
تخريب المنظومة التربوية وجزت بالثقافة المغربية في متاهة مفرغة : اجتث المسرح من منبته
الأصلي ، وذلك بالقضاء نهائيا على مسرح الهواة الذي كان البوق الوحيد الذي كان يفضح
هذه المخططات في حينها ، جعلت من الكتاب شيئا تفها ، رمت بالتشكيل المغربي في أحضان
الفلكلور ، استعبدت الإعلام ...
أعتدر للأساتذة
الأكادميين الدارسين للشأن الثقافي بالمغرب عن هذه النظرة السوداوية التشأمية . فأنا
أتكلم عما عشته يوما بعد يوم ، مند انبطاح الحركة الوطنية لابتزاز المخزن إلى ظهور
هذه النخب . يبدو المشهد مثلما قدمته كئيبا ، معقد ومتشابك وأن هذه المنظمات التي تنتج
الفساد أصبحت تعتبر قدر المغرب والمغاربة ولا سبيل للتصدي لها ، وأن المغرب أصبح مقبل
على السكتة الدماغية التي تنبأ له بها خبراء الاجتماع والاقتصاد ... هذا ليس له أي
أساس من الصحة لأن هذا البلد لا زال يحتضن من الضمائر الحية ماهو قمين بضمان التصدي
إلى الفساد بشتى أشكاله وأحجامه ، ولأن من أسس بنية المجتمعات حسب معرفتي البسيطة بعلم
الاجتماع - وهو ما يغيب على مدراء هذه المنظمات - قانون اللفض العضوي le rejet organique . طال الزمن أوقصر فإن المجتمع سيلفض هذه الطحالب لأنها لا تحمل نفس
التفصيلات ، مثلما يلفض الجسد الأعضاء الغريبة عنه مهما كانت أدوية التثبيت والمسكنات
.
فلا سبيل إلى
وضع قطار الثقافة على السكة الصحيحة إلا الصمود والثبات على الكفاح حتى ولو كان هذا
الكفاح غير متساوي - من جهة جبهة المثقفين على ندرتهم وقلة أسلحتهم ومن جهة جبهة جبروت
أباطرة الفساد كما في العالم المتخلف عموما - هذه المنظمات التي تصادر كل نفس للمواطنة
، كل محاولة لإرساء دولة الحق والقانون ، كل همسة بالعدالة الاجتماعية والديموقراطية
وحقوق الإنسان .
فالمطالبة بإصلاح
المنظومة التربوية ما فتئ يتزايد يوما بعد يوم ، فضح سلطة المال لابد وأن يستمر ، الرفع
من التنمية البشرية للقضاء على الفقر والفاقة والتهميش . مثلما هي وزارات القصور والأوقاف
والدفاع ، يجب ان الرعاية الملكية تشمل كذلك وزارة الثقافة حتى تبقى بعيدة عن المزايدات
السياسوية الرخيصة حتى يحظى المثقف بالمكانة التي يستحقها داخل مجتمع يعي ويدرك قيمة
الدور المنوط به .
0 التعليقات: