السبت، 7 مارس 2015

الشاعرة مالكى العاصمي

نشرت من طرف : ABDOUHAKKI  |  في  2:55 ص

الشاعرة مالكى العاصمي
هناك أزمة في المعنيين بالثقافة اللذين لم يستطيعوا لحد الساعة أن يصوغوا سياسة ثقافية واضحة وشاملة قمينة بالخروج من الضبابية
خاص بالمجلة
بعد المناظرة الوطنية حول الثقافة المغربية التي إنعقدت فعالياتها يومي الجمعة والسبت 9 و10 يناير بمدينة طنجة تحت إشراف اتحاد كتاب المغرب والحضور اللافت والدال للعديد من الفاعليات الفكرية والثقافية كوزارة الثقافة وبين المعرض الدولي للكتاب لهذه السنة 2015 وبين غليان المشهد الثقافي المغربي بسبب تصاعد وتيرة إطلاق البيانات والإحتجاجات والخرجات الإعلامية والحوارات والمقالات لبعض المثقفين :
1ــــ ماهوموقفك مما يكتنف المشهد الثقافي المغربي من ضبابية وغياب الرؤية الواضحة ؟
_ أولا مؤسف جدا أن الإعلام لم يعط للمناسبات التي ذكرتها ما تستحقه من العناية، ولم يعرف بما فيه الكفاية بنتائج أعمالها، والمفروض أنه بذل في المناسبتين مجهود فكري مالي بشري كبير. الإعلام يخصص مجلات يومية وتغطيات واسعة لمهرجانات الغناء والسينما والرياضة وغير ذلك من الظواهر العجيبة، وينظم لقاءات وعروضا ويستدعي محللين ومعلقين وشراحا ومناقشين لمثل هذه المناسبات، ويستقبل الأقدام والأصوات والوجوه الجميلة في المطارات ويغطي إنجازاتها الوطنية الرائعة، ويدعو الشعب المغربي للخروج إلى الشوارع احتفاء واحتفالا بهذه الفتوحات الباهرة، ما لا يخصصه للمناسبات الثقافية التي تحدثت عنها ولا لغيرها. وللإعلام مفهومه المغاير للثقافة كما نلاحظ.
وزارة الثقافة نفسها لا تمتلك وسائل التعريف بعملها، وبعمل الأجهزة الموازية التي تخدم الثقافة. ولا تمتلك الوسائل النشيطة للتواصل مع الشرائح الواسعة المعنية بالثقافة، ولا آليات تعبئتها لبناء مشروع حقيقي مبدع. ربما لكونها ورثت بنيات مهترئة ليست دائما مثقفة ولا خبيرة في المجال. وربما لكونها لا تملك الجرأة لمقاومة أوضاع كثيرة مختلة في هذا القطاع وتصحيحها رغم ما تتوفر عليه من إمكانيات وآليات. وربما لأن الثقافة ليست أولوية في سياسة الدولة، ومفهوم الدولة للثقافة محرف مغلوط، ونظرتها لمفهومنا نحن للثقافة نظرة تبخيسية دونية. أو ربما تعتبر وزارة الثقافة زائدة إلغاؤها لا يغير شيئا، مع أن الصراع العالمي اليوم هو صراع ثقافي دون هوادة. والمغرب لا يستثنى من هذا الحكم.
هناك ثقافة عولمية متغولة جشعة، تنبني على المصلحة وتستهتر بالقيم، تسخر جميع الوسائل المادية والمعنوية والبشرية والتكنولوجية لمحو منافسيها، وتصل إلى القتل والإبادة والتدمير. وهي لا تريد ثقافة مقاومة تنشر السلام والتعاون والتضامن والمحبة والإبداع، فتعمل بكل الوسائل لاستقطاب الفاعلين لمشروعها وإغوائهم.
هناك أزمة سياسية تقهر الثقافي لأنه يفضحها. وهناك أزمة في المعنيين بالثقافة اللذين لم يستطيعوا لحد الساعة أن يصوغوا سياسة ثقافية واضحة وشاملة قمينة بالخروج من الضبابية، ولم يعملوا على التعبئة لقضيتهم كي تتحول إلى قضية مركزية في الدولة.
2ــــ أين يكمن الخلل في نظرك في السياسة الثقافية أم في إهتزاز قيم بعض المثقفين وبعض مظاهرالفساد الثقافي أم فيهما معا ؟
المشهد الثقافي مأزوم في العالم لأن هناك ثقافة فاسدة موازية تريد أن تهيمن، وتعمل جاهدة على ابتلاع ما يناقضها. العالم الجديد يعيش على الفساد والرشوة والتطاحنات في جميع قطاعاته، ويستصفي المواقع والمشاهد لمن يتلاءم مع هذا الوضع الجديد وينخرط في خدمته. بذلك يرفض الثقافة الحقيقية، لأن من خصوصيات الثقافة الحقيقية أنها حرة ترفض التلاؤم والاستعباد والسخرة، وتقدس الاستقلال والأمانة. والمغرب لا يخرج عن المناخ العالمي العولمي المتغول الذي يستهدف كل شيء ويدجن كل شيء نتيجة احتكاره للسلطة والمال والإعلام، وإصراره على احتكار الإبداع أيضا، بجميع معانيه، ليحافظ على الشعوب في وضعية الاستهلاك والابتزاز.
مع ذلك ليس من حقنا أن نعلق أخطاءنا على الغير ونحن نتغنى بخصوصية المشهد المغربي، فضبابية المشهد الثقافي المغربي من ضبابية المثقفين وغياب الرؤية الواضحة لديهم. يقول المثل العربي: (كما تكونون يولى عليكم). والمثقفون بما هم عليه من حالة انعدام التوازن لا يستحقون أكثر مما هم عليه من تهميش وتبخيس، وأنا لا أعمم لأن الأمر هو أيضا كما قال المثل العربي: (من جعل الناس سوا، ليس لحمقه دوا). لكن المثقفين الحقيقيين مستضعفون أمام أباطرة الثقافة قياسا على أنواع الأباطرة المعروفين في هذا العصر، اللذين لهم مخالب وأنياب ينهشون بها، ولهم لوبيات وحواريون تسترزق من خدمتهم. لقد انخرطنا كثيرا وفرطنا كثيرا.
لا يمكن إنتاج مشهد مغاير في ظل وضع كهذا، تحكمت وتتحكم فيه نزعات ونزوعات ذاتية ومصالح شخصية. وقد كان على المثقف أن يرأف بنفسه ويتعالى عن مصالحه الخاصة، لكي يستعيد كرامة الثقافة ومكانتها، ويفرض رؤيته الخاصة لهويته، ويثمن موقعه في المشهد العام.
شخصيا أعتبر أن هناك مسؤوليات يجب تحديدها، ونقدا ذاتيا يجب أن نقوم به، واستعدادا جماعيا للخروج من هذا الوضع وتصحيحه يجب أن نتحلى به لإعادة بناء هذا الحقل على أسس سليمة، وتعبئة الجميع لإقلاع ثقافي حقيقي شامل. وأن علينا إذا اقتضى الأمر أن نفضح أباطرة الثقافة ونعريهم لنحد من هيمنتهم على المشهد. شعار محاربة الفساد مرفوع في المغرب ربما نحتاج إليه في الحقل الثقافي.
البنيات الصغرى الأمية اليوم في الدواوير والمداشر تعرف حاجاتها وتهيئ لنفسها دفاتر مطلبية وتتعبأ للدفاع عنها، أحيانا بالنزول إلى الشارع والصمود فيه. القضايا التافهة التي لا تشكل هاجسا للمواطن المغربي تحشد الجماهير في الشارع وفي القاعات الكبرى وتجيش اللوبيات والقوانين والتشريعات، إلا الثقافة. لعل هناك من يشغلنا عن قضايانا الحقيقية ويلهينا بمشاكل مفتعلة
3ــــ ماهي في نظرك الحلول القمينة بإعادة الإعتبار لدور الثقافة والمثقف في المشاركة في بناء الثروة اللامادية للمغرب اليوم وغذا ؟
 _ يجب أولا أن نثقف أنفسنا لنتمكن من بناء مشروع ثقافي مغربي سليم ومتين جدير ببلادنا، وليس مشروعا ذاتيا فئويا يستفيد منه صانعوه، فلا يصل إلى غايات خدمة الثقافة المغربية ووضعية المغرب. ويجب أن نتحلى بالشجاعة والقتالية لمواجهة كاميكازات التحريف وكاميكازات المصالح، ولمحاربة الفطريات التي نبتت في كل مكان، ولفضح الأموال المشبوهة ووقف تدفقها وتوسع مقتنياتها. ويجب أن نتحلى بالقناعة بما لدينا ولا نتشوف كثيرا. القيم والعلم، علم المعرفة وعلم الحياة، ثروة من لا ثروة له، ورأسمال من لا رأسمال له، لأنه رأسمال حقيقي ثابت، لا يزول كما يزول المال والجاه والمنصب.


التسميات :

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:


اخبار الأدب والثقافة

الآراء الواردة في المقالات والبلاغات تعبرعن أصحابها وليس إدارة التحريرــ الآراء الواردة في المقالات والبلاغات تعبرعن أصحابها وليس إدارة التحرير back to top