القاص إدريس الواغيش

القاص إدريس الواغيش

يبقى مرتزقة المشهد الثقافي وحدهم من يساير عربة الثقافة المعطوبة

خاص بالمجلة

ــــ ما هو موقفك مما يكتنف المشهد الثقافي المغربي من ضبابية وغياب الرؤية الواضحة ؟

©- المشهد الثقافي المغربي ضبابي وغير واضح المعالم، وهو ما يعرفه الجميع خصوصا بعد تقاعد الرواد الذين أعطوا للثقافة المغربية الشيء الكثير دون مقابل أحيانا، وهم أصلا لم يكونوا ينتظرون مقابلا بقدر ما كانت تهمهم خدمة الثقافة والمثقفين.

 لكن غيابهم الاضطراري عن الفعل الثقافي، عن عمد أو لظروف لا تشجع على الاستمرار( كبر في السن بالنسبة للبعض أو تفضيل الظل على نور باهت بالنسبة لآخرين)، ترك الساحة للمدعين والمفسدين والمرتزقة مهما اختلفت وتعددت أقنعتهم. هذه الحيثيات يعرفها المثقفون المغاربة والمتتبعون لما يجري في الساحة ويتحدثون عنها بمرارة أحيانا. ويبقى مرتزقة المشهد الثقافي وحدهم من يساير عربة الثقافة المعطوبة، ولن يستسلموا على المدى القصير، لأنهم يتبعون البقرة أينما رحلت وارتحلت بحثا المروج والخضرة، ولو كانت سرابا وليست ربيعا كما يحلمون به، في انتظار سقوطها ليخرجوا سكاكينهم.

ـ أين يكمن الخلل في نظرك في السياسة الثقافية أم في اهتزاز قيم بعض المثقفين واستشراء الفساد الثقافي أم فيهما معا ؟

©- هما معا بالإضافة إلى أشياء أخرى، اهتزاز قيم بعض المثقفين من جهة والفساد الثقافي من جهة ثانية، بالإضافة إلى عدم وجود رؤية واضحة وسياسة ثقافية جادة لدى المسئولين عن الثقافة في هذه البلاد، إما لأنهم أصلا (جهلة) وغير مثقفين ولا تهمهم الثقافة في شيء، أو لأن الثقافة تزعجهم كما كانت تزعج "جوزيف غوبلز" صاحب الجملة الشهيرة: " كلما سمعت كلمة مثقف تحسست مسدسي"، ولأنهم أيضا لا يفكرون إلا في السياسة لكن على طريقتهم، فهي من أوصلهم إلى المجد الذي يزعمونه وليس الثقافة التي فشلوا فيها. ولو تمعنا المشهد الثقافي المغربي برمته، سنرى على سبيل المثال لا الحصر بأن البرنامج الثقافي الوحيد في الإعلام المغربي (على علله) يأتي بعد منتصف الليل، بمعنى آخر حتى يمررون تفاهاتهم قبل أن ينام المشاهد الذي يستغلونه في الإشهار فقط والمسلسلات المستوردة أو الرديئة، ولن يستطيع انتظاره إلا القلة القليلة المكتوية بنار الانتظار أو من ينتظرون فقط من أجل يجاملوا ضيف البرنامج بمكالمة هاتفية بعد انتهاء البرنامج أو في اليوم الموالي بالمقهى. انظر إلى الثقافة في جرائدنا التي تخصص صفحة في الأسبوع للثقافة، وتسميها فلاشات أو لقطات أو" الملاحق" في أحسن الأحوال، على اعتبار أن الثقافة (ملحقة بشيء آخر) وليس لها شأن مع ما تبقى من صفحات.

ــــ ما هي في نظرك الحلول القمينة بإعادة الاعتبار لدور الثقافة، والمثقف في المشاركة في بناء الثروة اللامادية للمغرب اليوم وغدا ؟

© - أولا لا بد من التفكير في رؤية وطنية واضحة المعالم اتجاه الثقافة وماذا نريد منها، بعيدا عن جعجعة الأحزاب والجمعيات السرطانية المحظوظة، التي تنخر ميزانية الدولة دون أن تقدم شيئا له قيمة مضافة للمشهد الثقافي، فقط تنتظر الريع الثقافي تحت مسميات متعددة( حفل توقيع- مهرجان- أمسيات- احتفاء- تكريم- (سميها ما شئت)، لكن في ظاهرها كما في باطنها جوفاء لا تقدم ولا تأخر. ثانيا ما هي اختيارات الدولة نفسها؟ هل فعلا تريد مجتمعا مثقفا؟ أم أن المجتمع الثقافي له تبعات أخرى هي في غنى عنها؟ هي أسئلة كثيرة يجب الإجابة عنها لتتضح الرؤية أكثر حول رغبتنا في إعادة الاعتبار لدور الثقافة؟ أم أننا فعليا في غير حاجة إلى الثقافة في مجتمع محكوم بالعيش في عالم يعيش فوضى الثقافة.