ما أتمناه هو أن نصل إلى مستوى من الوعي والرقي داخل مجتمعاتنا تصبح معه الكتابة
مهنة
مشاركة في ملف "الكاتب وسؤال التفرغ"
لست مع منح الكاتب صفة التفرغ للكتابة، تفاديا لتكريس ريع جديد ينضاف إلى
الريعين السياسي والنقابي.
وقد يرتبط منح هذا التفرغ بشروط ومواصفات تتوافق ومصالح الجهة المانحة وتوجهاتها،
مما قد يضيق من هامش الكتابة لدى الكاتب، ويقيد حريته في طرح الأمور والقضايا التي
يعج بها المجتمع الذي ينتمي إليه.
وهذا يتنافى مع الأسس التي يقوم عليها فعل الكتابة، وكذا الأدوار التي يضطلع
بها الكاتب في علاقته بالأفراد والجماعات والمؤسسات.
إن من يمنح التفرغ للكاتب، بإمكانه أن يسحبه منه متى يشاء، أو يمدد مدته متى
يشاء. ومن ثم، يصبح الكاتب طوع بنان هذا المانح، يسعى إلى إرضائه وعدم التصادم معه
بين ثنايا ما يكتب، حتى ولو كان ذلك على حساب المبادئ والقيم التي نشأ عليها.
ولنا في الممارسات السياسية والنقابية ما يؤكد هذا القول، إذ إن السعي وراء
الاستفادة من الريع قاد عديدا من الأشخاص إلى تأسيس نقابات وأحزاب جديدة، كان لها الأثر
السيئ على الأدوار النضالية والتأطيرية لمؤسسات المجتمع المدني، وأدت إلى مزيد من الانقسام
والتشرذم وضعف الأداء.
ما أتمناه هو أن نصل إلى مستوى من الوعي والرقي داخل مجتمعاتنا تصبح معه الكتابة
مهنة، بالشكل الذي يتيح للكاتب التفرغ لها،
ويمكنه أيضا من توفير المستلزمات المادية التي يتطلبها العيش الكريم. هل سيتحقق هذا
الأمر؟ أشك في ذلك في الوقت الراهن، نظرا لمعدلات الأمية المرتفعة في المغرب، وفي باقي
البلدان العربية، وكذا النسب الهزيلة المسجلة فيها على مستوى القراءة.
ومهما يكن من أمر، يبقى الحلم هو النسمة التي تهب علينا في قيظ الرداءة والتردي
الثقافي بين الفينة والأخرى، ويبقى الأمل يراودنا في تحول الكتابة إلى مهنة، لما لذلك
من أثر فعال في تطور المجتمع إلى ما هو أفضل.
0 التعليقات: