الإبداع يحتاج إلى الدعم المقنن والتشجيع المعقلن
من أجل النهوض بدور المبدع داخل المجتمع
لطالما اعتبر المبدع حارساً للقيم، وحاملاً لهموم
الإنسانية، لقد عده جون بول سارتر إنساناً –قبل كل شيء- ومواطناً يحمل على عاتقه عبء
الدفاع عن المبادئ والقيم التي يؤمن بها. أما فوكو، فيرى أنه يرتبط في سيرورته الإبداعية
بالأنظمة القانونية والمؤسساتية التي تؤطر الخطابات، وبالأنواع الرائجة في حقبته التاريخية،
لتصير بذلك كتابات المبدع نتاجاً مركباً، بل ومعقداً، يتمخض عن السياقات الاجتماعية
والسياسية والاقتصادية والثقافية المحيطة به.. المبدع، إذن، حجر زاوية في صرح المجتمع،
فماذا قدم المجتمع لهذا المبدع؟ ألن يكون منحه حق التفرغ أبسط شكل من أشكال العرفان
بالجميل؟
تعد فكرة التفرغ فكرة جيدة إذا ما تم نقلها بشكل
حكيم من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل، فالإبداع يحتاج إلى الدعم المقنن والتشجيع
المعقلن من أجل النهوض بدور المبدع داخل المجتمع، وتعزيز مكانته، وتفعيل إسهاماته..
ولن تتحقق أهداف التفرغ المتوخاة إلا إذا تم التنسيق بين طرفين، هما: المبدعون وهيئة
محتضنة عليا (قد تكون وزارة الثقافة مثلاً) تتبنى برنامجاً ثقافياً وتصوراً واضحاً
يؤطرهذا المشروع، حتى لا يظل مجرد حلم طوباوي، وحتى يصير واقعاً ملموساً يؤمن للمبدعين
امتيازات "مقننة" تضمن لهم المصاريف اليومية، وتمنحهم جواً ملائماً للكتابة
بعيداً عن ضغوطات العمل وإكراهاته. إلا أن هذا الدعم المادي والمعنوي للمبدع يجب ألا
يكون مشاعاً، ومطية سهلة لكل من أراد التملص من التزاماته الوظيفية.. بل عليه أن يخضع
لمسطرة تحدد شروط استحقاق هذا الامتياز النبيل الذي على المبدعين أن يناضلوا من أجله.
وكما قال فولتير: "إنني أكتب كي أنتفض"،
فلننتفض إذن كي نكتب!
0 التعليقات: