قبل الحديث عن التفرغ
من عدمه، ينبغي التركيز في الاهتمام بتعميم
القراءة
التفرغ وعدم التفرغ
مرتبطان بنوع الكتابة التي يزاولها الكاتب وبالمواضيع التي
يتناولها. فمثلا
الروائي والقصاص يمكن له أن يتفرغ للكتابة، لأن الأمر يتطلب البحث عن قضايا والتقصي عنها والاستماع لقصص الناس، وهذا أمر يتطلب الوقت الكثير،
كما
أن إضافة المتخيل إلى القصص الواقعية والتاريخية هو في حقيقة الأمر جوهر
الإبداع الأدبي ويحتاج
أيضا للوقت. لكن المشكلة التي تطرح، خصوصا في عالمنا
العربي، هو ضعف القراءة
وبالتالي ضعف المداخيل لدرجة قد لا تغطي حتى مصاريف
الطبع، ففي المغرب مثلا وفي أفضل الأحوال لا تتجاوز مبيعات الكتاب الواحد
ثلاثة آلاف نسخة، وفي مصر البلد العربي الأكبر قد تصل إلى خمسة آلاف،
أضف إلى
ذلك ضعف القدرة الشرائية
التي لا تسمح بتسعير الكتاب بأكثر من الأثمنة
الحالية. وحتى لو
افترضنا جدلا أن العالم العربي أصبح سوقا واحدة، على الأقل
بالنسبة لسوق الكتاب، فلا أعتقد أن يتجاوز عدد النسخ التي يمكن تسويقها
أكثر
من عشرين ألفا، ولا
أظن أن الدخل من المبيعات يمكن أن يوفر الكفاف للكاتب.
هناك أنواع من الكتابة لا تحتاج إطلاقا للتفرغ، بل إنها تكون مرتبطة ارتباطا
وثيقا بعمل الكاتب، مثل الكتب العلمية والأكاديمية، مثل الكتب التي تلخص
تجارب
عملية في المجال
الاجتماعي أو السياسي أو الإداري، أو تجارب في عمل منظمات
المجتمع المدني...
لذلك، قبل الحديث
عن التفرغ من عدمه، ينبغي التركيز في الاهتمام بتعميم
القراءة، وبدعم صناعة
الكتاب بكل مكوناتها.
أحمد الطلحي*
باحث في البيئة والتنمية
والعمارة الإسلامية*
0 التعليقات: