الخميس، 3 أكتوبر 2013

الشاعرالدكتورعبدالسلام فزازي

نشرت من طرف : ABDOUHAKKI  |  في  9:14 م


صيحة ثكلى على إيقاع لعبة التفرغ
من المنابر التي أكن لها الاحترام والتقدير منبركم هذا إحقاقا للحق ولللاسباب التالية:
اعتبرها شخصيا قيمة مضافة للجسم الإعلامي المغربي خاصة والعربي عامة وهذه الشهادة بحت بها منذ عنعنتها إلى أن صارت قدوة أنستنا في منابر اخجل أن اذكر ماضيها الذي كان يرتكز أساسا على الاخوانيات والعلاقات الضيقة التي لم تخدم لا الجسم الإعلامي ولا الصحافي بل حتى المثقف.. ولعل ميلادها كان استجابة شرطية لهذا الفراغ الذي عانى منه المغربي حين كانت تتحكم عقول متحجرة تنطلق من الهامش الحزبي الضيق اللهم إذا استثنيت بعض الملاحق الثقافية وهي تعد على رؤوس أصابع اليد الواحدة..وهذا الموضوع يتطلب منا وقتا طويلا عوض أن نخصص له بابا اعترف أنني باعتباري باحثا جامعيا طرحته على طلبتي فتناولون انطلاقا من دراستهم للملاحق الثقافية منذ ميلاد الجرائد وكذا المجلات الوطنية.
ومن بين المواضيع التي أبى هذا المنبر الرائد طرحها مشكورا، موضوع التفرغ الذي اعتبره في غاية الأهمية لأنه أسال مدادا كثيرا إلا أن رغم ما كتب فيه لم يصل بعد إلى أن يشفي غليل المتلقي المغربي بل حتى العربي لأننا كثيرا ما نتشابه في مثل نفس هذه المواضيع، ولعل تجربتنا مع العالم العربي أثبتت أننا كلنا في التفرغ هم.. وفي هذا الإطار أود أن أتكلم عن التفرغ في المحيط الجامعي الذي انتمي إليه والذي اعتبره لا يخضع للمعايير المتفق عليها دوليا، علما أن جل ما نعتمده في المغرب يكون مستوردا من الغرب جملة وتفصيلا، بل بمناورات ذكية تحايلا على المؤسسات التي ننتمي إليها.. ولهذا جرت العادة بل كما نسميه في الجامعة بالعرف على أن يكون التفرغ بالتناوب بين الأساتذة تمشيا مع القانون الداخلي الذي اتفق عليه منذ زمان ولم نحاول مرة إعادة النظر فيه وكأنه أصبح قرآنا منزلا، مع العلم أن كل القوانين تغيرت، ولقحت، وشذبت، وطعمت بآليات جديدة انطلاق مما سميناه إصلاحا.. ولهذا من الضروري وتمشيا مع العراف الدولية، على الأستاذ المتفرغ أن يتقدم بطلبه إلى رئاسة الشعبة وهو يدرك انه استوفى الشروط المحددة في القانون الأساسي، وأصبح من حقه أن يتمتع بصلاحية هذا التفرغ، شريطة أن تكون هناك أولويات يأخذها مكتب الشعبة بعين الاعتبار كي تصير حتمية يستجيب لها الإخوة في الشعبة بمكوناتها وهيكلتها، ناهيك عن اللجنة المختصة في هذا الشأن والتي تقترحها توا وفي اجتماع الشعبة ويأخذ طلب التفرغ مجراه الطبيعي مرورا بالمؤسسة التي تعرضه على مجلس المؤسسات، وصولا إلى الوزارة عبر مجلس الجامعة.. والتفرغ يجب أن يكون  استجابة لرغبة ملحة من صاحبها، والمتمثلة غالبا إما في إتمام الرسالة الجامعة أو التفرغ من اجل مشروع أكاديمي جامعي، وما شاكل ذلك لكن شريطة أن يقدم المتفرغ طلبا في هذا الشأن، وعند استكمال سنته في التفرغ يجب عليه أن يقدم تقريرا حول ما أنجز من مشروعه مؤشرا عليه، وقد يسمح له أيضا التمتع بالتفرغ في إطار مهمة انيطت به خدمة للجامعة..
 مع الأسف الشديد أصبح التفرغ لا يولي اهتماما لكل هذه الأمور في غياب صرامة المراقبة الشئ الذي جعله يعتمد في الغالب على انتظار دوره في الترشح للتفرغ بعيدا عن الشروط المتفق عليها في القانون الداخلي، وهذا ما يجعل جل المؤسسات تعيشا تسيبا أكاد أقول أصبح حالة مرضية يجب استئصالها من رحاب الجامعات المغربية، وتدخل وبشكل عادي جدا في غمرة سيمفونية الإصلاح التي أصبحنا نتغنى بها ولا حياة لمن تنادي.. أما ما يتعلق بالتفرغ في قطاع التعليم ككل، فأكاد اجزم أن هناك حالات استهتار لا توصف إن لم أقل تدخل في الغرائبي سيما إذا وقفنا عند عدد المتفرغين من النقابيين تحت تهديد الأكاديميات عبورا من النيابات والتي غالبا ما تتبع فلسفة الغمز واللمز إن هي حاولت الرفض ولم تستجب لمطالبها الاستفزازية، إضافة إلى نخبة من المراسلين الصحافيين الذين غادروا أقسامهم أسوة بإخوانهم النقابيين مهددين الإدارة بكتابة مقالات قد تجعل المسئولين لقمة سائغة سرعان ما يقذف بهم إلى مآرب الوزارة إن هم ابدوا مقاومة تجاه مطالبهم، ولعل من يقوم بعملية إحصائية للعدد من الأساتذة الذين غادروا أقسامهم وأصبحوا متفرغين وهناك من يطلق عليهم اسم فارغين، ومن شدة استهتارهم بالعملية التربوية التي قيل فيها ما لم يقله مالك في الخمر، منحتهم بعض الأكاديميات مكاتب أصبحت مرتعا لفلسفة الجمع والمنع التي تكلم عنها الجاحظ، واخص بالذكر أكاديمية اكادير قبل مجئ مديرها الجديد الذي وجد نفسه غارقا في كيفية إرجاع البعض إلى أقسامهم علما أن هناك مدارس تعيش خصاصا مهولا؛ ومن غرائب الدنيا أن الوزارة نفسها لم تستطع الضرب على أيادي أمثال هؤلاء الأشباح الذين غالبا ما نطلق عليهم عوض المراسلين: مصاصي ديماء رؤسات ومدراء بل باقي المؤسسات الخصوصية والعمومية على حد سواء الاسترزاق عن طريق الاظرفة المحشوة بما نريد محاربته، أقصد الرشاوي؛ ولهذا يكون من ثامن المستحيلات ارجاعه الى مكانه الحقيقي والحال أنه أصبح متسولا بمشروعية انتزعها انتزاعا..
ولهذا أصبح التفرغ وصمة عار على جبين تعليمنا لأنه فرخ أشباحا مقنعين كل يلبس لباسا خاصا لا يمكن أن نعيده إلى مكانه إلا بقرارات عليا والتي اعتقد أنها تتحمل قسطا كبيرا من المسؤولية في هذا الفساد إلى أن أصبح تعليما يشبه الإمبراطورية العثمانية حين أصبحت: الرجل المريض بامتياز.. وإذا كنا تكلمنا عن الفساد في كتابنا الذي نشرناه هنا في هذا المنبر قبل أن يتم إحراقه في الجامعة، فلأننا تتبعنا خطوات الفساد ونحن أعضاء في مجالس الجامعة، وشخصيا لا احمل جامعتنا هذا الفساد لأنها تمثل بؤرة المتناقضات تتحمل الدولة المسؤولية الكبرى في جعلها مثار شفقة إذ أنها تغطي 52‰ من التراب الوطني، ويحج إليها أضعاف أضعاف الطلبة الذين لا يمكن استيعابهم ولو بعصا سحرية، وفي هذا الصدد أتساءل كيف يمكن للأستاذ الجامعي أن يطلب تفرغا والحال أن الموارد البشرية منعدمة عندنا وللذين لا يعرفون واقعنا في جامعة ابن زهر أقول له : ليس من راى كمن سمع أذ ما زلنا ندرس بنفس العدد من الأساتذة تقريبا،بل في بعض الأحيان ندرس شفقة ورحمة بطلبتنا بين الساعة الثانية عشرة والثانية بعد الزوال... ولعمري هذا ما سميته في كتابي المحروق: بالجامعة الغرائبية..
 أكيد أن التفرغ في هذا الواقع حلال على مؤسسات وحرام علينا منطقيا طبعا ولهذا أرجو من الذين تستهويهم المقارنات أن لا يدخلوا معنا هذا الرهان قبل أن يطلعوا على كتابنا المنشور هنا عند الأستاذ حقي مشكورا ليرى كيف ألقتنا الوزارة في اليم وقالت لنا: إياكم أن تبتلوا بالماء... وحين نطالب بالتفرغ فغالبا ما يكون على حساب نزع حق من حقوق الطالب إما بخصم مادة من المواد، أوبمسحها نهائيا من المجزوءات، ومع كل هذا فإن الطالب الجنوبي ومع هذه الاكراهات اثبت ويثبت للوزارة الوصية جدارته في انتزاع الصفوف الاولى في المباريات الوطنية وغير الوطنية لان الاصل في الطالب الجنوبي املاء الفراغ ولو ان غيره يتمتع بكماليات تجعله حقا يشعر بالاقصاء الذي يشعر به الباحث الذي بدا يشعر بالاحباط وهو يطلب التفرغ ولا من يعوض مادته من اصحاب التخصص..
الدكتور عبد السلام فزازي جامعة ابن زهر باغادير

التسميات :

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:


اخبار الأدب والثقافة

الآراء الواردة في المقالات والبلاغات تعبرعن أصحابها وليس إدارة التحريرــ الآراء الواردة في المقالات والبلاغات تعبرعن أصحابها وليس إدارة التحرير back to top